أحبتى هذه مجموعة من الأحاديث النبوية
ومعانيها الجميلة أتمنى أن تحوز إعجابكم .
عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إنَّما الأَعْمَالُ بالنِّيات وإنَّمَا لكلِّ امرئ مَا نَوَى؛ فمَنْ كانَت هِجْرَتُه إلى اللِه ورسُولِه فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه، ومَنْ كَانْت هجرتُه لدُنيا يُصِيبُها أو امرأةٍ يَنْكِحُها فهجرتُه إلى مَا هَاجَرَ إليه"متفق عليه.
هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وأصل من أصوله، وقد رُوِي عن الإمام الشافعي أنه قال: هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين باباً في الفقه، ويرشدنا الحديث إلى أمر عظيم ألا وهو إخلاص النية لله عز وجل، فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم مصداقاً لقول الحق سبحانه وتعالىوما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)(البينة: 5) وقول الله عز وجلقل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين)(الزمر: 11 ) لذلك فكل عمل لا يراد به وجه الله عز وجل ولا تخلص فيه النية لله لا يقبل من صاحبه فقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" [رواه مسلم]. والنية هي القصد والإرادة ومحلها القلب ولا يشترط التلفظ بها وعليها يترتب الجزاء. والأعمال – في هذا الحديث- وإن كان يقصد بها العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج إلا أن الحديث يشير أيضاً إلى أن العادات من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من أمور الدنيا يثاب عليها الإنسان إذا نوى بذلك نية صالحة ابتغاء مرضات الله عز وجل لقوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)(الأنعام:162)
عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"(رواه الترمذي وابن ماجة)
معنى هذا الحديث أن من علامات حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه من قول أو فعل أو شئون الآخرين واقتصاره على ما يعنيه وينفعه من قول أو فعل، فالإسلام يقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات، إذا حسن إسلام المرء اقتضى ذلك منه ترك مالا يعنيه من المحرمات والمكروهات والمشتبهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها. ومن فعل الواجبات التى هي علامة على حسن الإسلام : الاهتمام بأمر المسلمين والسعي في مصالحهم وقضاء حوائجهم وحل مشاكلهم وإعانة ضعيفهم ورد ظالمهم عن ظلمه. إذن لا يفهم من الحديث الشريف أن ينزوي الإنسان عن الناس و عن مساعدتهم وعونهم ولكن يفهم منه عدم التدخل في شئونهم التي لا يريدون أن يطلع عليها أحد غيرهم. وترك ما لا يعني الإنسان هو ترك للمحرمات ـ كما سبق ـ فيقتضي ذلك منه أن يحفظ لسانه من لغو الكلام كما جاء في إحدى روايات هذا الحديث :" إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه "(رواه أحمد) كما يقتضي منه حفظ البطن عن المحرمات وحفظ الرأس أي حفظ ما فيها من سمع وبصر ولسان عن كل ما يغضب الله عز وجل فقد قال سبحانهإن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)(الإسراء: 36) والحديث يرشد إلى الاهتمام والعناية بما يعني الإنسان من فعل الواجبات والمستحبات التي ترضي المولى عز وجل وتؤدي إلى حبه ورضوانه، وأن يترك ويبتعد ويجتنب ما لا يعنيه من المحرمات التي تغضب المولى عز وجل وتؤدي إلى غضبه وسخطه.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
رُبَّ صائم حظُّه من صيامه الجوعُ والعَطَشُ، ورُبَّ قَائِمٌ حَظُّه مِنْ قِيامِه السَّهَرُ"(رواه أحمد والحاكم وابن خزيمة)
يحدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن صنف من الصائمين القائمين ليس لهم أجر على صيامهم وقيامهم ولم يجنوا من صيامهم وقيامهم إلا الجوع والعطش والسهر وتعذيب النفس. وهذا النوع من الصائمين لم يمتنع في صيامه عن اغتياب الناس أو سبهم والتشاحن معهم ولم يمنع نفسه من نظرات الشهوة وربما سَرَقَ أو قَبِلَ رِشوة أو شَهِد زوراً وبهتاناً أو فعل غير ذلك من المعاصي التي نهانا عنها الشرع بوجه عام، وفي أيام الصوم بوجه خاص، قال جابر ابن عبد الله رضي الله عنه: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء". وصدق الشاعر إذ قال: إن لم يكن في السمع مني تَصاونُ وفي بصري غضّ وفي منطقي صمتُ فحظي من صومي الجوع والظما فإن قلت إني صمت يومي فما صمتُ وكذلك القائم الذي يصلي ليلة وليس له نصيب من صلاته إلا السهر والتعب لأنه لم يخلص العبودية لله وحده فلعله لم يرد من قيامه إلا الرياء والسمعة ليقال إنه عابد وأنه كذا وكذا، فأذهب الرياء أجر القيام، ولم يجن غير السهر. فالحديث يرشدنا إلى وجوب الإخلاص لله وحده وأن الصيام ليس الامتناع عن الأكل والشرب فقط وإنما يكون أيضاً بالامتناع عن المحارم والمكروهات.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال:
"يا غلام إنِّي أُعلِمُك كَلماتٍ .. احفَظ اللهَ يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" (أخرجه أحمد والترمذي والطبراني في الكبير)
هذا الحديث الشريف يندرج تحت قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهي أن الجزاء من جنس العمل ؛فمن أحسن أحسن الله إليه ومن أساء أساء الله إليه. فمن حفظ الله عز وجل حفظه الله تعالى ،وِحِفظُ الله عز وجل يكون بحفظ حقوقه وامتثال أوامره والوقوف عند حدوده واجتناب ما نهي عنه ،وتفصيل ذلك: أن تحافظ على إقام الصلاة المفروضة وتؤتي الزكاة وتحرص على صوم رمضان وأن لا تتكاسل عن تلبية نداء الحج إذا توافرت لك سبله وأن لا تشرك بالله شيئاً وأن لا تجعل له شريكاً في دعائك وفي توكلك واعتمادك، وأن تحفظ فرجك عن الزنا ويدك عن السَّرِقة والبطش بغير الحق وأن تقيم العدل وأن تنشر الأمن بين العباد وأن تحل الحلال وتحرم الحرام. وجزاء ذلك أن يحفظك الله من كل سوء ويسدد خطاك إلى كل خير، ويقويَك ويشدَّ أزرك في المحن وينصرك على أعدائك ويثبت قدميك على الحق ويجعل لك فرقاناً تتبين به الحق من الباطل فتكون من أهل النجاة يوم الفزع الأكبر. وفي الحديث حث على عبادة الله عز وجل وطاعته فيما أمر، وفيه أن المؤمن لا ينبغي له أن يسأل إلا الله ولا يستعين إلا به سبحانه وهذا من تمام توحيده سبحانه وتعالى وإخلاص العبودية له. وفي الحديث أيضاً وجوب الإيمان بأن قدر الله حق وعدل وصدق، وعلى المسلم الحق أن لا يخشى إلا الله عز وجل، فلن يستطيع أحد أن يضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه، ولن يستطيع أحد أن ينفعه إلا بشيء قد كتبه الله له، فكل شئ قد قدّر وكتب في اللوح المحفوظ.
عن أبي أمامة - رضي الله عنه – قال:
قال رجل يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: إن سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك فأنت مؤمن، قال: يا رسول الله فما الإثم؟ قال: إذا حاك في صدرك شئ فدعه"(أخرجه أحمد وابن حِبَّان والحاكم).
قول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سرتك حسنتك أي انشرح بها قلبك وعبَّر اللسان عن ذلك بشكر المولى عز وجل الذي هداك لفعل الحسنات، ولم تلمك نفسك على ذلك فاعلم أنك مؤمن. وإذا ساءتك سيئتك أي أصابك غم إثر ارتكابك السيئة وندمت على ما فعلت، فالمؤمن يلوم نفسه على تقصيرها في حق الله عز وجل. أما الذي يرتكب المعاصي ولا يتحرج منها فاعلم أن الشيطان أحكم القبضة على قلبه فهذا من الهالكين يوم القيامة إلا أن يتوب فيتوب الله عليه. وقوله إذا حاك في صدرك شئ فدعه: يعني إذا أردت أن تَقدُم على عمل فيه شبهة إثم وحدثك قلبك بذلك فتحرجت منه فلا تقدم عليه. والحديث يبين لنا أن من علامات الإيمان وخصاله أن يفرح المؤمن بفعل الحسنات ويندم على فعل السيئات ولا يرضى عن سيئة بدرت منه، بل يسارع إلى التوبة عنها والتكفير عن فعلها.
عن فُضَالة بن عبيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به" وفي رواية "طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به "أخرجه أحمد والترمذي
طوبى تكون بمعنى الخير والحسنى وكل مستطاب في الجنة وبمعنى الجنة. هدي إلى الإسلام أي دخل فيه وكان من أهل التوحيد والطاعة لأوامر الله عز وجل والامتناع عما نهى الله عنه. هذا الحديث الشريف يؤكد عظمة وفضل من دخل في الإسلام؛ لأن نعمة الانتساب إلى هذا الدين العظيم نعمة كبيرة، فإن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو الدين الذي سار في ركبه كل الأنبياء والرسل فهذا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام يدعوان الله أن يكونا مسلمين : (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) [البقرة: 128]. ويوسف عليه السلام يدعو الله أن يموت علىالإسلام (وتوفني مسلماً وألحقني بالصالحين)[يوسف: 101] ويوصي الله عز وجل المؤمنين بأن يموتوا على الإسلام: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)[آل عمران: 102]. والحديث فيه أيضاً الحث على الرضا والقناعة بالقليل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو ربه بأن يجعل رزقه على قدر كفايته: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً). فمن عاش مسلماً ومات على الإسلام ورضي بما رزقه الله عز وجل نال رضا الله في الدنيا وجنته في الآخرة.
ومعانيها الجميلة أتمنى أن تحوز إعجابكم .
عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إنَّما الأَعْمَالُ بالنِّيات وإنَّمَا لكلِّ امرئ مَا نَوَى؛ فمَنْ كانَت هِجْرَتُه إلى اللِه ورسُولِه فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه، ومَنْ كَانْت هجرتُه لدُنيا يُصِيبُها أو امرأةٍ يَنْكِحُها فهجرتُه إلى مَا هَاجَرَ إليه"متفق عليه.
هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وأصل من أصوله، وقد رُوِي عن الإمام الشافعي أنه قال: هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين باباً في الفقه، ويرشدنا الحديث إلى أمر عظيم ألا وهو إخلاص النية لله عز وجل، فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم مصداقاً لقول الحق سبحانه وتعالىوما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)(البينة: 5) وقول الله عز وجلقل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين)(الزمر: 11 ) لذلك فكل عمل لا يراد به وجه الله عز وجل ولا تخلص فيه النية لله لا يقبل من صاحبه فقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" [رواه مسلم]. والنية هي القصد والإرادة ومحلها القلب ولا يشترط التلفظ بها وعليها يترتب الجزاء. والأعمال – في هذا الحديث- وإن كان يقصد بها العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج إلا أن الحديث يشير أيضاً إلى أن العادات من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من أمور الدنيا يثاب عليها الإنسان إذا نوى بذلك نية صالحة ابتغاء مرضات الله عز وجل لقوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)(الأنعام:162)
عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"(رواه الترمذي وابن ماجة)
معنى هذا الحديث أن من علامات حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه من قول أو فعل أو شئون الآخرين واقتصاره على ما يعنيه وينفعه من قول أو فعل، فالإسلام يقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات، إذا حسن إسلام المرء اقتضى ذلك منه ترك مالا يعنيه من المحرمات والمكروهات والمشتبهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها. ومن فعل الواجبات التى هي علامة على حسن الإسلام : الاهتمام بأمر المسلمين والسعي في مصالحهم وقضاء حوائجهم وحل مشاكلهم وإعانة ضعيفهم ورد ظالمهم عن ظلمه. إذن لا يفهم من الحديث الشريف أن ينزوي الإنسان عن الناس و عن مساعدتهم وعونهم ولكن يفهم منه عدم التدخل في شئونهم التي لا يريدون أن يطلع عليها أحد غيرهم. وترك ما لا يعني الإنسان هو ترك للمحرمات ـ كما سبق ـ فيقتضي ذلك منه أن يحفظ لسانه من لغو الكلام كما جاء في إحدى روايات هذا الحديث :" إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه "(رواه أحمد) كما يقتضي منه حفظ البطن عن المحرمات وحفظ الرأس أي حفظ ما فيها من سمع وبصر ولسان عن كل ما يغضب الله عز وجل فقد قال سبحانهإن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)(الإسراء: 36) والحديث يرشد إلى الاهتمام والعناية بما يعني الإنسان من فعل الواجبات والمستحبات التي ترضي المولى عز وجل وتؤدي إلى حبه ورضوانه، وأن يترك ويبتعد ويجتنب ما لا يعنيه من المحرمات التي تغضب المولى عز وجل وتؤدي إلى غضبه وسخطه.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
رُبَّ صائم حظُّه من صيامه الجوعُ والعَطَشُ، ورُبَّ قَائِمٌ حَظُّه مِنْ قِيامِه السَّهَرُ"(رواه أحمد والحاكم وابن خزيمة)
يحدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن صنف من الصائمين القائمين ليس لهم أجر على صيامهم وقيامهم ولم يجنوا من صيامهم وقيامهم إلا الجوع والعطش والسهر وتعذيب النفس. وهذا النوع من الصائمين لم يمتنع في صيامه عن اغتياب الناس أو سبهم والتشاحن معهم ولم يمنع نفسه من نظرات الشهوة وربما سَرَقَ أو قَبِلَ رِشوة أو شَهِد زوراً وبهتاناً أو فعل غير ذلك من المعاصي التي نهانا عنها الشرع بوجه عام، وفي أيام الصوم بوجه خاص، قال جابر ابن عبد الله رضي الله عنه: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء". وصدق الشاعر إذ قال: إن لم يكن في السمع مني تَصاونُ وفي بصري غضّ وفي منطقي صمتُ فحظي من صومي الجوع والظما فإن قلت إني صمت يومي فما صمتُ وكذلك القائم الذي يصلي ليلة وليس له نصيب من صلاته إلا السهر والتعب لأنه لم يخلص العبودية لله وحده فلعله لم يرد من قيامه إلا الرياء والسمعة ليقال إنه عابد وأنه كذا وكذا، فأذهب الرياء أجر القيام، ولم يجن غير السهر. فالحديث يرشدنا إلى وجوب الإخلاص لله وحده وأن الصيام ليس الامتناع عن الأكل والشرب فقط وإنما يكون أيضاً بالامتناع عن المحارم والمكروهات.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال:
"يا غلام إنِّي أُعلِمُك كَلماتٍ .. احفَظ اللهَ يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" (أخرجه أحمد والترمذي والطبراني في الكبير)
هذا الحديث الشريف يندرج تحت قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهي أن الجزاء من جنس العمل ؛فمن أحسن أحسن الله إليه ومن أساء أساء الله إليه. فمن حفظ الله عز وجل حفظه الله تعالى ،وِحِفظُ الله عز وجل يكون بحفظ حقوقه وامتثال أوامره والوقوف عند حدوده واجتناب ما نهي عنه ،وتفصيل ذلك: أن تحافظ على إقام الصلاة المفروضة وتؤتي الزكاة وتحرص على صوم رمضان وأن لا تتكاسل عن تلبية نداء الحج إذا توافرت لك سبله وأن لا تشرك بالله شيئاً وأن لا تجعل له شريكاً في دعائك وفي توكلك واعتمادك، وأن تحفظ فرجك عن الزنا ويدك عن السَّرِقة والبطش بغير الحق وأن تقيم العدل وأن تنشر الأمن بين العباد وأن تحل الحلال وتحرم الحرام. وجزاء ذلك أن يحفظك الله من كل سوء ويسدد خطاك إلى كل خير، ويقويَك ويشدَّ أزرك في المحن وينصرك على أعدائك ويثبت قدميك على الحق ويجعل لك فرقاناً تتبين به الحق من الباطل فتكون من أهل النجاة يوم الفزع الأكبر. وفي الحديث حث على عبادة الله عز وجل وطاعته فيما أمر، وفيه أن المؤمن لا ينبغي له أن يسأل إلا الله ولا يستعين إلا به سبحانه وهذا من تمام توحيده سبحانه وتعالى وإخلاص العبودية له. وفي الحديث أيضاً وجوب الإيمان بأن قدر الله حق وعدل وصدق، وعلى المسلم الحق أن لا يخشى إلا الله عز وجل، فلن يستطيع أحد أن يضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه، ولن يستطيع أحد أن ينفعه إلا بشيء قد كتبه الله له، فكل شئ قد قدّر وكتب في اللوح المحفوظ.
عن أبي أمامة - رضي الله عنه – قال:
قال رجل يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: إن سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك فأنت مؤمن، قال: يا رسول الله فما الإثم؟ قال: إذا حاك في صدرك شئ فدعه"(أخرجه أحمد وابن حِبَّان والحاكم).
قول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سرتك حسنتك أي انشرح بها قلبك وعبَّر اللسان عن ذلك بشكر المولى عز وجل الذي هداك لفعل الحسنات، ولم تلمك نفسك على ذلك فاعلم أنك مؤمن. وإذا ساءتك سيئتك أي أصابك غم إثر ارتكابك السيئة وندمت على ما فعلت، فالمؤمن يلوم نفسه على تقصيرها في حق الله عز وجل. أما الذي يرتكب المعاصي ولا يتحرج منها فاعلم أن الشيطان أحكم القبضة على قلبه فهذا من الهالكين يوم القيامة إلا أن يتوب فيتوب الله عليه. وقوله إذا حاك في صدرك شئ فدعه: يعني إذا أردت أن تَقدُم على عمل فيه شبهة إثم وحدثك قلبك بذلك فتحرجت منه فلا تقدم عليه. والحديث يبين لنا أن من علامات الإيمان وخصاله أن يفرح المؤمن بفعل الحسنات ويندم على فعل السيئات ولا يرضى عن سيئة بدرت منه، بل يسارع إلى التوبة عنها والتكفير عن فعلها.
عن فُضَالة بن عبيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به" وفي رواية "طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به "أخرجه أحمد والترمذي
طوبى تكون بمعنى الخير والحسنى وكل مستطاب في الجنة وبمعنى الجنة. هدي إلى الإسلام أي دخل فيه وكان من أهل التوحيد والطاعة لأوامر الله عز وجل والامتناع عما نهى الله عنه. هذا الحديث الشريف يؤكد عظمة وفضل من دخل في الإسلام؛ لأن نعمة الانتساب إلى هذا الدين العظيم نعمة كبيرة، فإن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو الدين الذي سار في ركبه كل الأنبياء والرسل فهذا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام يدعوان الله أن يكونا مسلمين : (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) [البقرة: 128]. ويوسف عليه السلام يدعو الله أن يموت علىالإسلام (وتوفني مسلماً وألحقني بالصالحين)[يوسف: 101] ويوصي الله عز وجل المؤمنين بأن يموتوا على الإسلام: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)[آل عمران: 102]. والحديث فيه أيضاً الحث على الرضا والقناعة بالقليل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو ربه بأن يجعل رزقه على قدر كفايته: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً). فمن عاش مسلماً ومات على الإسلام ورضي بما رزقه الله عز وجل نال رضا الله في الدنيا وجنته في الآخرة.